٢٠٠٦/١٠/٣١

ذم الثقلاء .. الجدد

كتاب ذم الثقلاء
تأليف: أبي بكر محمد بن خلف بن المرزبان المُحَوَّلي البغدادي ت 309هـ
كان أخباريا صدوقا ثقة ، من مصنفاته : تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب ، وكتاب السودان وفضلهم على البيضان ، وكتاب المتيمين .. وكتب أخرى كثيرة .
منها كتاب ( ذم الثقلاء ) بتقديم وتحقيق د. محمد حسين الأعرجي ، ومنشورات دار الجمل .
في هذه النقولات الموجزة عرض وتلخيص واختيار ، والثقلاء حفظهم الله ورعاهم هم بلوى في كل زمان ومكان ، ولعل ابن المرزبان قد أثار في كتابه عنهم موضوعا شائقا وطريفا ..
قرأتُ الكتاب من السبت 4 صفر حتى الأربعاء 8 صفر 1427هـ بيني وبين نفسي ، وبيني وبين الآخرين ، ولعلي ـ ولستُ داريا ـ كنتُ أشّهر بالثقلاء ، أو أنشرُ الكتاب
بدأتُ في عرض الكتاب من السبت 11 صفر .. وها أنذا خائف من عصابة الثقلاء بمختلف أطيافهم وأحزابهم .
مشكلة الثقيل (عكس خفيف الدم ، وليس ثقيل الوزن) أنه لا يعلم أحيانا كثيرة بمدى ثقالته وبطالته ، وأحيانا يعلم ، ولكن يمارس عليك إرهابا مسكوتا عنه ..
الدكتور الأعرجي قال في الإهداء: إلى الذين خافوا من الأرض أن تميد بهم ، فأوسعوا الناس كلهم ثِقَلا . إلى ثقلاء الزمن العربي الرديء من الكبار عسى أن يخفوا قليلا ، أو يخفوا عنا .
طبعا لابد من الناحية الإنسانية والحقوقية لـ (ثقلاء ابن المرزبان) أن تصاغ لهم قوانين تحميهم وتحمي منهم ، أما هنا فأنا أناقش موضوعا أدبيا فيه الكثير من الطرافة والجدة والضحك .
· عن أنس أن رسول ( ص) في حديث رواه قال: لما أهديت زينت إلى رسول الله (ص) صنع طعاما ودعا القوم فجاؤوا ودخلوا فجعلوا يتحدثون وجعل رسول الله (ص) يخرج ثم يرجع وهم قعود فنزلت آية 53 من سورة الأحزاب { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي حتى يؤذن لكم غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما }
في بهجة المجالس قال الحسن البصري: نزلت في الثقلاء . قال القرطبي: الجمهور من المفسرين على أن سببها أن رسول الله لما تزوج زينب بنت جحش امرأة زيد أَوْلمَ عليها فدعا الناس فلما طعموا جلس منهم طوائف يتحدثون في بيت رسول الله وزوجته مولية وجهها نحو الحائط ، فثقلوا على رسول الله قال أنس: فما أدري أأنا أخبرت النبي أن القوم خرجوا أو أخبرني ، قال فانطلق حتى دخل البيت فذهبتُ أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب .

· عن الحسن قال لقد ذم الله عز وجل الثقل في القرآن فقال: {فإذا طعمتم فانتشروا}
· عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال ألا أخبركم بأبغضكم إلى الله قلنا بلى يا رسول الله قال فظننت أنه سيسمى رجلا فقال إن أبغضكم إلى الله أبغضكم إلى الناس .
· عن عمر بن الخطاب قال كنت جالسا عند النبي (ص) فقال ألا أخبركم بخير أئمتكم قلنا بلى يا رسول الله قال الذين تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم ألا أخبركم بشرار أئمتكم قلنا بلى يا رسول الله قال الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم .
· عن محمد بن كعب القرظي قال دخلت على عمر بن عبد العزيز فقال أعد لي حديثا كنت حدثته عن ابن عباس فقال أتيت النبي (ص) فقال ألا أنبئكم بشراركم قالوا بلى يا رسول الله قال: الذي ينزل وحده ، ويجلد عبده ، ويمنع رفده ألا أنبئكم بأشر من هذا الذي يبغض الناس ويبغضونه .
· عن جابر قال قال رسول الله (ص): أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا أحاسنكم أخلاقا وأبغضكم إليّ الثرثارون والمتشدقون المتفيهقون قيل قد عرفنا الثرثارون فما المتشدقون المتفيهقون فقال المستكبرون .

طبعا الثرثار والمتشدق والمتفيهق من أثقل الثقلاء على القلب والروح والأذن ، وهذا بلاء عام ، يكاد يكون وباء ، بل هو وباء حقيقي أسميه (أنفلونزا الثرثرة) و (حمى التشدق) و (سارزالتفيهق) ، وانظر القنوات الفضائية ، واسمع خطباء المنابر والمساجد ، واقرأ الصحف اليومية ..
سبحان البارئ المصور .. ترى كل مَن يتمتشدق باسم الدين ، أو يثرثر باسم الوطنية ، أو يتفيهق باسم العروبة أو الفكر أو الأدب أو أي فكرة صغيرة أو كبيرة ، وهو يرجم القراء والمشاهدين براجمة الصواريخ البالستية من الكلام المتعثر الممجوع .. وأكثر الناس مسالمون ، ما زالوا طيبين مستمعين ..!!
فعلا الثقلاء مشكلة اجتماعية تبدأ من الرصيف ، ولا تنتهي بأروقة الجامعات ، وعليه نحتاج ‘لى ابن المرزبان كي يصنف لنا كتاب (ذم الثقلاء الجدد) على وزن المحافظين الجدد .. من ديك تشيني إلى معمر القذافي بوصفه مثقفا !!

· خرج موسى (ع) يستسقي فلم يسق فقال يا رب خرجت مع بني إسرائيل استسقي فلم تسقنا فأوحى الله إليه أنه كان فيهم عبد أبغضه قال يا رب من هو حتى أبغضه كما أبغضته قال يا موسى أنا أبغض التباغض من خلقي فكيف أخبرك .
· كان أبو هريرة إذا ثقل عليه الرجل قال اللهم اغفر له وأرحنا منه .
· كان رجل يأتي أبا هريرة فانقطع فقال جماعة لعله مات ، فقال ليس في الموت شماتة ألا قلتم استُعمل على إمارة أو أصاب مالا أو ولد له غلام .
· قال عمر بن الخطاب من أمِن الثِّقَلِ فهو ثقيل .
· عن إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبيه: من خاف أن يكون ثقيلا فهو خفيف .

وللحديث بقية ..

ليست هناك تعليقات: