١٤٢٧/١٠/٠٧

شمال شرق القلب

اليوم الخميس 8 / 3 / 1427 الموافق 6 / 4 / 2006 ، الساعة الخامسة فجرا بعد الصلاة انطلقنا في رحلة ربيعية إلى الشمال بصحبة الثلاثي المرح ، كان الطقس متغيما مشمسا عليلا طيبا وما برح الطريق سمحا سلسلا ممتعا كنا نمرُّ على مدينة إثر مدينة وهجرة إثر أخرى وقرية بعد أخرى ودسكرة بعد دسكرة وكنا فرحين مستبشين .. فكانت هذه ( اليومية )

في يوم مشمس متغيم والنسيم الصباحي يداعب الهشيم المحطم داخلنا أقلتنا رغبتتا الجامحة وهواجسنا النقية إلى جهة تقع شمال شرق القلب 00منذ زمن حدثتنا عنها المعلقات بأنها واد من أودية الشعر 00 طاف حواليه عنترة وزهير وداعبت أشواكه أخمص أقدامهم ورشقوه شعرا من ثقوب تلوح من قصائدهم حين يحترق الشوق ويجمر الحنين في صدورهم 0
كان يومنا مطيرا بالرؤى العذبة والحكايا الصقيلة كالمرايا 0، وقطرات المطر البلورية تبلل صباحاتنا وأماسينا بالفرح المتهدل كعناقيد العنب !
كان علينا أن نقود قطيع الأحلام المتوارية وراء تلال الروتين اليومي القاتل لقد كنا قنابل موقوتة بالضحك حتى أشرقت شمس العافية علينا كانت تضحك بجاذبية مفرطة في الضوء 00 والألق منها ينثال كما ينثال الحنين والوجل في قلب عاشقين كانا على موعد قد أخذ يتدانى 0
كنا ودودينَ وأصفياء نتحسس أقدامنا الموحلة في طين الضجر والسأم اليوميين لقد كنا أمناء مع أنفسنا أمانة الراعي مع شياهه 00 ولا شيء أجمل من أن نتدفق بعفوية الماء نضحك .. ونغضب .. ونأكل ... ونشرب ... ونغني ... ونتثاءب .. ونختلط بكل ذواتنا في خليط إنساني عجيب وجميل .
نبحث عن عشبة برية فيسبقنا ظلنا إليها .. نطارد فكرة منسية من شاعر عربي أو سيد حكيم نثر ظله فيخطفها طائر شارد من عشه أو عصفورة شقية 00
كل منا يحاول أن يدوّن جنونه كما يميله عليه الجنون ، ولكنه يتلهى بالوله المغروس في روحه للصحراء موطن التطهر والانثيالات 00 كل منا أصبح كائنا صحراويا عذبا ؛ لأنَّ الشمالَ الشرقيَّ للقلبِ أشجارُه مغنّية ، وأطياره راقصة 0
الجنون إذا أصبح في حالة تماس مع الصحاري يشبه شيئا اسمه الجنوح 0أو الأمل المجنح 00 هكذا كان امرؤ القيس يحدث أصحابه في ليل الجنون ؛ ليتخفف من صحراء روحه في الليل البهيم 0
كانت الأرض تتكلم بالشعر والغزل ووصف النبات والكائنات الحية وكأن ما تناسل من أحلام الناس ينبت في الأرض بما يشبع العشق أو العشب تأكله الأبل فينبت في جانحيها الحنين إلى الأرض والسماء والبشر والزهر
.