١٤٢٧/١١/٣٠

ذم الثقلاء 3

عن الشعبي ، قال: عيادة حمقى القراء أشد على أهل المريض من مرض مريضهم يعودونه في غير وقت عيادة ، ويطيلون الجلوس عنده .
وجاء الحجاج بن أرطاة إلى الأعمش فاستأذن عليه فقال: قولوا له ابن أرطاة على الباب فقال: الأعمش ابكِ علي ابكِ عليّ فلم يأذن له .
والحجاج بن أرطاة النخعي ت 150هـ كان مع المنصور العباسي في بناء مدينته ، وهو الذي خطها ، ونصب قبلة مسجدها .. يقال إنه أول من ارتشى من القضاة في البصرة ، كان من المشهورين بالفقه والقضاء والرواية والتصرف في الآراء ، وكان يقول : أهلكني حب الشرف ، وروي عنه أنه كان لا يشهد جمعة ولا جماعة ، ويقول أكره أن يزحمني الأنذال والبقالون .
قال المأمون يوما لجلسائه لم صار الثقيل أثقل على القلب من الحمل الثقيل فلم يجب منهم أحد ، وقالوا: أمير المؤمنين أعلم ، فقال: لأنه يجتمع على الحمل الثقيل الروحُ والبدن ، والثقيلُ تنفرد به الروح .
دخل رجل على رقبة بن مصقلة العبدي وهو مريض ، قال يا أبا عبد الله مات فلان ، ثم سكت ساعة ، ثم قال مات فلان.. نعى ثلاثة ، فلما أراد أن يخرج ، قال: ألك حاجة ؟ قال ألا تعودني ما دمت مريضا ؛ عدمتك حولين ، وكُفيتك بِعِفِرِّين ، أي بدويبة مأواها التراب السهل في أصول الحيطان ، أو دابة كالحرباء تتعرض للراكب ، أو مأسدة من من ليوث وسباع .
حدثنا عبيد الله بن عمر قال يحيى بن سعيد لرجل: لأن تضربني ضربة بالسوط أحب إلي من أن تسألني عن حديث ، ولقد جاءه مرة رجل يستثقله فقال لي من بالباب قلت فلان فصكَّ رأسه بأصابع يديه كلها ، وقال: يا أبا سعيد جبل جبل فلما انصرفت مررت بالرجل وهو جالس على الباب فلا أدري أذن له أم لا .
وأنشدني لغيره (وفي الأمالي أنشدني عبدالله بن خلف)
وثقيل أشد من ثقل المو * ت ومن شدة العذاب الأليم
لو عصت ربها الجحيم لما * كان سواه عقوبة للجحيم
قال رجل للنضر بن شُمَيل إني أحب أن تقرأ علي ، وتكثر ، وتترسل ، فقال النضر:
تسألني أم الوليد جملا * يمشي رويدا ويكون أولا !
قيل لأيوب السختياني لِمَ لَمْ تكتب عن طاوس ، قال: أتيته فأصبته بين ثقيلين ليث بن أبي سليم ، وعبد الكريم الجزري فرجعت ، ولم أكتب عنه .
وعن سلمة بن شبيب ، قال: سمعت أبا أسامة ، يقول: ايتوني بمستملٍ خفيف على اللسان خفيف على الفؤاد إيايَ والثقلاء إياي والثقلاء .
حدثنا أبو العباس قال سمعت مُشْكُدانة ، يقول: قلت لأبي أسامة أنت والله ثقيل قال زد فيها وخِم .
عن محمد بن سلام الجمحي ، قال: كان بشار المرعَّث يستثقل هلال بن سعيد بن عطية وقال فيه:
وكيف يخف لي بصري وسمعي * وحولي عسكران من الثقال
إذا ما شئت صبّحني هلال * وأي الناس أثقل من هلال
قعد إلى بشار بن برد رجل ، وكان يستثقله فضرط عليه بشار ، فقال الرجل: انفلتت منه ، ثم ضرط عليه أخرى ، فقال: انفلتت منه ، ثم ضرط ثالثة ، فقال له الرجل: يا أبا معاذ ما هذا ، قال: مَهْ رأيتَ أو سمعتَ !! قال: لا بل سمعت ، قال: لا تصدق حتى ترى !!
عن الحرمازي قال: سمعت جبريل ، وهو متطبب كان بالشام ، قال: نجد في كتابنا مجالسة الثقيل حمى الروح .
ذكر المدائني عن بعض رجاله قال: كان يقال عود نفسك الصبر على مجالسة الثقيل فإنه لا يكاد يخطئك .كان محمد بن سيرين إذا ثقل عليه رجل لم يذكر ذلك إليه ، ويقول: نعوذ بالله من قرين السوء وجليس السوء