١٤٢٨/٠١/١٩

قرمطة يومية

اليوم الأحد 16 من المحرم 1428هـ لا شيء يشدني إليه بقوة ، ربما أفتقد إلى الجاذبية الطبيعية في الأشياء ؛ ولذا رغبتُ في الكتابة ..
أحيانا كثيرة تكون الكتابة متنفسا فقط مثل الجري تماما ، ليس من الضروري أن يكتب الإنسان ما يفيد دوما !! أحيانا تكون متعة أو ملهاة ، أو أي شيء آخر !!
كل ما فعلته منذ الصباح الباكر هو أنني جلستُ الساعة السادسة والثلث تقريبا ، وقد تأخرتُ عن أداء صلاة الفجر في وقتها ، لأنني قضيت ليلتي متأرّقا ، ولا أدري لماذا ؟!
كانت السهرة على برنامج شاعر المليون طبعا لأول مرة أشاهد هذا البرنامج ، كنت أسمع عنه من الناس ، لم يلفت نظري سوى شاعر اسمه محمد حسن القحطاني في قصيدة حول معاناة الفقير .. في العموم لم أكن متابعا جادا لهذا البرنامج المليوني ، ولكن أحسبه خيرا من التدخين ، ومن الحديث في السياسية ، والنظر إلى قامة مقدمة البرنامج أحلى من مشاهدة الست ( كوندي ) والشيخ ( عراق ) والسيدة ( لبنان ) !!
أعود إلى حكاية الصباح الباكر أخذت الأسرة الصغيرة إلى ( بيت أهلهم ) ؛ لأنّ جد أولادي سيعود من السفر مساءً قادما من الشام .. ثم توجهت للعمل الروتيني .. هيا بنا إلى المدرسة !!
انتهينا من حضور اللجنة الأول كان الاختبار مادة حديث ، لقد أعجبني في اختبار طلاب الصف الثالث حديث مروي عن الرسول الكريم يحث على ضرورة الصبر على الأسقام والأوصاب والأتعاب ، ففي ذلك الأجر ، وحسن المثوبة !!! يقول الحديث: { ما يُصيب المؤمن من وَصَب ولا نصب ، ولا سقم ، ولا حزن - حتى الهم يُهمه - إلا كفّر به من سيئاته }
في وقت الفراغ بين الفترتين كان قد نشب نقاش ساخن بين الزملاء حول السعادة والشقاء والراحة والمتعة في هذه الحياة ، والجبر والاختيار ، كان الموضوع شائقا وشانقا والوقت أربعون دقيقة لا يتسع لكل هذه المعركة الفلسفية أو أي معركة أخرى كبيرة أو صغيرة ..
في مثل هذه الأجواء تنبثق النِكات والفكاهات للتفريغ الذهني إن صح التعبير !!
كل ما استشهدته به في هذا النقاش القصير المحتدم هما بيتان لأبي العلاء المعري :
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه * وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة * وصيّر العالم النحرير زنديقا
هذان البيتان الاحتجاجيان يعجبان شيخي وصاحبي ونديمي الذي أُطلق عليه ( أيقونة الحكمة ) لحبه المطلق لشعر الحكمة والحماسة من أغراض شعرنا العربي .
طبعا البيتان محل الاستشهاد ليس لهما علاقة بالحكمة ، ولكن لهما علاقة بالنقاش الدائري الباسم حول الحياة وشقائها وسعادتها .
رائع في مثل هذه الأجواء الذهنية الماطرة قراءة ( الطلاسم ) لإيليا أبي ماضي ، أو كتاب ( النبي ) لجبران .. !! فلا شك أن ذلك أجدى من قول الزور السياسي في هذا الزمان الكنود !!
انتهى وقت الاستراحة ، وقُرع جرس الفترة الثانية ، كان الاختبار في مادة الجغرافيا ، وكنتُ ـ على ذكر الجغرافيا ـ مولعا في الصغر بحفظ أسماء المدن وخصوصا العواصم ، ولا أدري لماذا !! ولكن فيما بعد اكتشفت أن لذلك علاقة بحبي للسفر والترحال ..

عموما من وجه ، وخصوصا من وجهين !!
لفت نظري في هذا الامتحان أن الأستاذ يسأل الطلاب أسئلة بعيدة عن واقعهم بعض الشيء أو كل الشيء ، كحال التعليم عندنا طبعا فهو بعيد عن الواقع ، مثل سؤاله للطلاب:
اختر : تعمل النباتات الطبيعية على تلطيف درجة حرارة الجو ... ( بالمصري المخلوط ( هوّه فيه نباتات أو أشجار عشان اصير فيه تلطيف جو .. جهنم الحمرا ستشتعل بعد أسابيع ، ولا من أشجار ولا من يشتري !! )
بعد نهاية اليوم الدراسي بروتنيته البغيضة عدت إلى المنزل راغبا في النوم فقط ،
استلقيت على الكنبة في جو هاديء أشاهد التلفزيون ، ودون علم مني خاتلني النعاس ، وسرقني الرقاد ، واستيقظتُ من النوم ( امكوبس ) حسب تعبير الشوام ..
أخذتُ بعد استيقاظي من النوم في تدبير شؤوني الخاصة بنفسي ، بسبب عدم وجود ( أهلي ) ، وكثيرا ما أحب التدبير الذاتي حتى في أمور المطبخ الصغيرة ، وأحيانا كثيرة يزعج ذلك زوجتي لشعورها بنقصان سيادتها المنزلية ؛ لأنها تعتبر هذه الشؤون من اختصاص الزوجة !! طبعا أضف إلى ذلك ( فوضاي غير البناءة ) في طريقة الإعداد لأي شيء يتعلق بالمطبخ .
من ضمن برنامجي اليومي حصة رياضية لمدة ساعتين في نادٍ رياضي ، ولكنني وجدت نفسي متكاسلا عن الذهاب ، وزاد من حمى ذلك التكاسل مشاهدتي عن طريق المصادفة لبداية فلما في قناة mbc 2 بعنوان mad dog and glory ، طبعا هذا يتلاقى مع شغفي بمشاهدة الأفلام ، وزاد الطين بلة أو بلتين رسالتان تلقيتهما من صاحبيّ في النادي الرياضي تقول الأولى: ( أيام لن تنسى من ذاكرتي ، هي جميلة بأبطالها ، فلا شك أنّ للصحبةِ فنا ومذاقا ، والسيارة وسيلة .. سأذهب اليوم ، وما بعده لوحدي حتى إشعار آخر ) ، وتقول الأخرى: ( لظروف التصحيح سأذهب لوحدي بعد الصلاة ) !!
قلتُ لنفسي فليحيا الاستمرار في مشاهدة الفلم ، وليذهب النادي الرياضي إلى الجحيم !!
المشاهدة متعة ، والتدريبات الرياضية فروض وواجبات ومتعة أيضا ، وأنا أقدم الاستمتاع ـ ولو كان مشاهدة فلمٍ ـ على الالتزامات ، ولكن ( مش دايما ) !!
أعددت للمشاهدة طقوسها الخاصة:
شيء من المشمش المجفف والزبيب الأسود ، وقليل من النقول المسماة بـ ( المكسّرات ) طبعا أكره هذه الكلمة بسينها المشددة ، فهي تشعرني بالعنف والجلبة والضوضاء أكثر من الولع !!
راودتني فكرة مجنونة ، هي: رغبتي في أخذ تمارين رياضية خاصة بالسخرية من الذات ، بمعنى أكثر بساطة هو كالتالي:
الإنسان يشعر برغبة خاصة بضرورة السخرية بذاته ، بتقريعها عن طريق الضحك عليها ، بتأديبها بأسلوب ساخر ؛ ولذا قفزت إلى ذهني عبارة شعرية قرأتها في ( النت ) تقول: تعالَ ؛ لنسخر منا جميعا ، فقد مللتُ الحديث عن الأمنيات ، وحضرني بقوة أخونا ( الحطيئة )الشاعر اليعربي الهاجي حتى لنفسه !!
هذه فكرة ، وليست واقعا ، ولكن فكرة تستحق التجريب !!

ودمتم في الحب والعسل !!