١٤٢٨/٠٢/٠٧

مجادلة

آخيل يجادل باريس

مبارزة

هكتور يريد مبارزة مكسيموس

١٤٢٨/٠٢/٠٤

ذم الثقلاء 5

عن الربيع بن نافع قال كنا نجلس إلى الأعمش ، قال فيقول: في السماء غيم يعني ها هنا من نكره .
# قال أبو الطعابيز: وهذه الكناية مستعملة في هذا الزمن الطعبزي !!
عن سفيان بن عيينة قال كان الأعمش يدع أصحاب الحديث ويذهب إلى حائك في جواره يحدثه استثقالا منه لهم .
قال أنشدت لبعضهم:
كلما قلت خلا مجلسنا * بعث الله ثقيلا فجلس
ليت من كان بغيضا وَخِمًا * طمسته الأرض عنا فانطمسْ
كان الأعمش يستثقل زائدة بن قدامة الثقفي (محدّث) ت 160هـ فكان إذا جاء يتنخم من ناحيته .
قال ابن طاوس: لكلام ثقيل أشد عليّ من الشيطان ، وسمعت الثوري ، يقول لزائدة بن قدامة: لو كنت من البغال لكنت من بغال النقل .
قال فضيل بن عياض كان ابن المبارك يلبس الثياب والقلوب تحبه وإن أحدهم ليجئ وفي جبته كذا وكذا رقعة ، والقلوب تستثقله .
قال عبد الرحمن بن مهدي العنبري: ربما ضاق عليّ مجلس بالرجل فيكون أول من أبدأ بحاجته .
قدم على أبي الشمقمق ابن عم له من البصرة زائرا فأقام عنده أياما ودفع إليه شيئا وخرج ، فأنشأ يقول:
ألا يا أوخمَ الثقلينِ طرا * وأثقل ما تردد في الصدور
قعدت كأنما الرحمن ربي * براك اليوم من صم الصخور
فلا تبغي الشخوص ولا تشكى * ولا تبلى على مر الدهور
قعودك ما قعدت علي غمٌّ * وقد أكننت بغضك في ضميري
فلا والله لا أنساك حتى * يسيرني الرجال إلى القبور
ولو في جنة كنا جميعا * ننعم في الخيام وفي القصور
إذن خليتها وخرجت منها * لبغضك وانتقلت إلى السعير
قال فلما أخذ ابن عمه الذي أعطاه ، إذا ابن عم له آخر قد ورد عليه فأقبل يتأمله قبل جلوسه ثم أنشأ يقول:
ألا يا معشر الثقلاء أنتم * كوانين ولكن من حديد
إذا ما غاب كانون فولى * أتى دهر بكانون جديد
ثم جلس فتحادثنا ساعة ثم ابن عم له آخر ورد وهما يتحادثان فجلس ثم أنشأ يقول:
يا ثقيلانِ قد عرضت نداء * بهما طارفي وكل تلادي
أنتما معدن الرصاص فقوما * قد شكا منكما إلي فؤادي
# قال أبو الطعابيز: كأن هذا عين ما شاهدناه في إحدى حلقات طاش ما طاش ، وكان يمثل دور أبي الشمقمق الفنان الرائع ناصر القصبي .
كان رجل يتكلم عند شريك فيكثر ، فقال له شريك (بالفارسية) كران كران سَخْت ، يعني : ما أثقلك ما أثقلك .
عن عبد الملك بن قريب الأصمعي ، قال: أراد أعرابي أن يُكلِّمَ امرأةً كانَ يُحبُّها ، فنظرَ إلى رجلٍ يرمُقُه فامتنع مما أراده من كلامها ، وثقل عليه ، فقال الأعرابيُّ: مالك !! رماك اللهُ بداءٍ عُضال يُفقدني شخصَك ، ويُسكنك رمسَك ، فقد ثقلت على من لم تقرَّ عينه بسهادها إذا كانتِ العيونُ مسرورةً برقادِها .
# هذا الرجل الرامق يستحق أن يخوزق بخازوق جزاءَ ثقالته ووخامته ، ويستحق ما يلقاه من دعاء هذا الأعرابي العاشق المسكين !!
عن حماد بن أبي حنيفة قال كنا عند رقبة بن مَصْقَلة فأتاه رجل كان يستثقله فقال: يا هذا إن ناحيتكم بعيدة ، والسماء متغيمة ، فقم .
قال سمعت منصور بن الحجاج ـ وكان صدوقا فاضلا ـ كان إذا رأى بغيضا قال: اللهم اقتله ، وإن كان قتله يقتلني فاقتله واقتلني .
حدثنا يحيى بن أكثم قال سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: رأيت الأسود بن قيس في خفين وعمامة في الصيف فاستثقلته فلم أكتب عنه .
كان الأسود إذا رأى ثقيلا يقول استراح الأضراء !! أي استراحوا من أن ينظروا إلى من يبغضون .
قال رجل للشعبي ما زلت في طلبك فقال الشعبي وما زلت منك فارًّا .

١٤٢٨/٠١/١٩

قرمطة يومية

اليوم الأحد 16 من المحرم 1428هـ لا شيء يشدني إليه بقوة ، ربما أفتقد إلى الجاذبية الطبيعية في الأشياء ؛ ولذا رغبتُ في الكتابة ..
أحيانا كثيرة تكون الكتابة متنفسا فقط مثل الجري تماما ، ليس من الضروري أن يكتب الإنسان ما يفيد دوما !! أحيانا تكون متعة أو ملهاة ، أو أي شيء آخر !!
كل ما فعلته منذ الصباح الباكر هو أنني جلستُ الساعة السادسة والثلث تقريبا ، وقد تأخرتُ عن أداء صلاة الفجر في وقتها ، لأنني قضيت ليلتي متأرّقا ، ولا أدري لماذا ؟!
كانت السهرة على برنامج شاعر المليون طبعا لأول مرة أشاهد هذا البرنامج ، كنت أسمع عنه من الناس ، لم يلفت نظري سوى شاعر اسمه محمد حسن القحطاني في قصيدة حول معاناة الفقير .. في العموم لم أكن متابعا جادا لهذا البرنامج المليوني ، ولكن أحسبه خيرا من التدخين ، ومن الحديث في السياسية ، والنظر إلى قامة مقدمة البرنامج أحلى من مشاهدة الست ( كوندي ) والشيخ ( عراق ) والسيدة ( لبنان ) !!
أعود إلى حكاية الصباح الباكر أخذت الأسرة الصغيرة إلى ( بيت أهلهم ) ؛ لأنّ جد أولادي سيعود من السفر مساءً قادما من الشام .. ثم توجهت للعمل الروتيني .. هيا بنا إلى المدرسة !!
انتهينا من حضور اللجنة الأول كان الاختبار مادة حديث ، لقد أعجبني في اختبار طلاب الصف الثالث حديث مروي عن الرسول الكريم يحث على ضرورة الصبر على الأسقام والأوصاب والأتعاب ، ففي ذلك الأجر ، وحسن المثوبة !!! يقول الحديث: { ما يُصيب المؤمن من وَصَب ولا نصب ، ولا سقم ، ولا حزن - حتى الهم يُهمه - إلا كفّر به من سيئاته }
في وقت الفراغ بين الفترتين كان قد نشب نقاش ساخن بين الزملاء حول السعادة والشقاء والراحة والمتعة في هذه الحياة ، والجبر والاختيار ، كان الموضوع شائقا وشانقا والوقت أربعون دقيقة لا يتسع لكل هذه المعركة الفلسفية أو أي معركة أخرى كبيرة أو صغيرة ..
في مثل هذه الأجواء تنبثق النِكات والفكاهات للتفريغ الذهني إن صح التعبير !!
كل ما استشهدته به في هذا النقاش القصير المحتدم هما بيتان لأبي العلاء المعري :
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه * وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا
هذا الذي ترك الأوهام حائرة * وصيّر العالم النحرير زنديقا
هذان البيتان الاحتجاجيان يعجبان شيخي وصاحبي ونديمي الذي أُطلق عليه ( أيقونة الحكمة ) لحبه المطلق لشعر الحكمة والحماسة من أغراض شعرنا العربي .
طبعا البيتان محل الاستشهاد ليس لهما علاقة بالحكمة ، ولكن لهما علاقة بالنقاش الدائري الباسم حول الحياة وشقائها وسعادتها .
رائع في مثل هذه الأجواء الذهنية الماطرة قراءة ( الطلاسم ) لإيليا أبي ماضي ، أو كتاب ( النبي ) لجبران .. !! فلا شك أن ذلك أجدى من قول الزور السياسي في هذا الزمان الكنود !!
انتهى وقت الاستراحة ، وقُرع جرس الفترة الثانية ، كان الاختبار في مادة الجغرافيا ، وكنتُ ـ على ذكر الجغرافيا ـ مولعا في الصغر بحفظ أسماء المدن وخصوصا العواصم ، ولا أدري لماذا !! ولكن فيما بعد اكتشفت أن لذلك علاقة بحبي للسفر والترحال ..

عموما من وجه ، وخصوصا من وجهين !!
لفت نظري في هذا الامتحان أن الأستاذ يسأل الطلاب أسئلة بعيدة عن واقعهم بعض الشيء أو كل الشيء ، كحال التعليم عندنا طبعا فهو بعيد عن الواقع ، مثل سؤاله للطلاب:
اختر : تعمل النباتات الطبيعية على تلطيف درجة حرارة الجو ... ( بالمصري المخلوط ( هوّه فيه نباتات أو أشجار عشان اصير فيه تلطيف جو .. جهنم الحمرا ستشتعل بعد أسابيع ، ولا من أشجار ولا من يشتري !! )
بعد نهاية اليوم الدراسي بروتنيته البغيضة عدت إلى المنزل راغبا في النوم فقط ،
استلقيت على الكنبة في جو هاديء أشاهد التلفزيون ، ودون علم مني خاتلني النعاس ، وسرقني الرقاد ، واستيقظتُ من النوم ( امكوبس ) حسب تعبير الشوام ..
أخذتُ بعد استيقاظي من النوم في تدبير شؤوني الخاصة بنفسي ، بسبب عدم وجود ( أهلي ) ، وكثيرا ما أحب التدبير الذاتي حتى في أمور المطبخ الصغيرة ، وأحيانا كثيرة يزعج ذلك زوجتي لشعورها بنقصان سيادتها المنزلية ؛ لأنها تعتبر هذه الشؤون من اختصاص الزوجة !! طبعا أضف إلى ذلك ( فوضاي غير البناءة ) في طريقة الإعداد لأي شيء يتعلق بالمطبخ .
من ضمن برنامجي اليومي حصة رياضية لمدة ساعتين في نادٍ رياضي ، ولكنني وجدت نفسي متكاسلا عن الذهاب ، وزاد من حمى ذلك التكاسل مشاهدتي عن طريق المصادفة لبداية فلما في قناة mbc 2 بعنوان mad dog and glory ، طبعا هذا يتلاقى مع شغفي بمشاهدة الأفلام ، وزاد الطين بلة أو بلتين رسالتان تلقيتهما من صاحبيّ في النادي الرياضي تقول الأولى: ( أيام لن تنسى من ذاكرتي ، هي جميلة بأبطالها ، فلا شك أنّ للصحبةِ فنا ومذاقا ، والسيارة وسيلة .. سأذهب اليوم ، وما بعده لوحدي حتى إشعار آخر ) ، وتقول الأخرى: ( لظروف التصحيح سأذهب لوحدي بعد الصلاة ) !!
قلتُ لنفسي فليحيا الاستمرار في مشاهدة الفلم ، وليذهب النادي الرياضي إلى الجحيم !!
المشاهدة متعة ، والتدريبات الرياضية فروض وواجبات ومتعة أيضا ، وأنا أقدم الاستمتاع ـ ولو كان مشاهدة فلمٍ ـ على الالتزامات ، ولكن ( مش دايما ) !!
أعددت للمشاهدة طقوسها الخاصة:
شيء من المشمش المجفف والزبيب الأسود ، وقليل من النقول المسماة بـ ( المكسّرات ) طبعا أكره هذه الكلمة بسينها المشددة ، فهي تشعرني بالعنف والجلبة والضوضاء أكثر من الولع !!
راودتني فكرة مجنونة ، هي: رغبتي في أخذ تمارين رياضية خاصة بالسخرية من الذات ، بمعنى أكثر بساطة هو كالتالي:
الإنسان يشعر برغبة خاصة بضرورة السخرية بذاته ، بتقريعها عن طريق الضحك عليها ، بتأديبها بأسلوب ساخر ؛ ولذا قفزت إلى ذهني عبارة شعرية قرأتها في ( النت ) تقول: تعالَ ؛ لنسخر منا جميعا ، فقد مللتُ الحديث عن الأمنيات ، وحضرني بقوة أخونا ( الحطيئة )الشاعر اليعربي الهاجي حتى لنفسه !!
هذه فكرة ، وليست واقعا ، ولكن فكرة تستحق التجريب !!

ودمتم في الحب والعسل !!

١٤٢٨/٠١/١٨

قلْ وزدْ في معنى كدْ ومدْ

كثيرة هي الأساليب اللغوية المحلية التي تلفت النظر ، وتغري بالكتابة أو بالدردشة الكتابية ، من هذه العبارات في لهجتنا المحلية عبارة ( كِدْ ومِدْ ) .. طبعا أول ما يثيرك في هاتين الكلمتين حضور صوت الدال برزانته ووقاره ورسوخ قدميه في قاموسنا العربي ، خصوصا سجعته الراسخة ، ومزاوجته بين الكلمتين في تلادة ورصانة فـ ( كد ومد ) من حيث المزاوجة مثل: ( حسن بسن ) ، و ( ساغب لاغب ) ، ولابن فارس كتاب في هذا الباب اسمه ( الإتباع والمزاوجة ) !
الكدُّ والمدُّ رضي الله عنهما عريقان في الأمم والشعوب ، فـ ( الكدُّ ) شقيق النصب والتعب ، وابن عم العمل وبذل الجهد ، وأخونا ( المدّ ) كذلك فهو أخو الزيادة والوصول والتبسط والدعة .. فالرجل إذا أكل حتى شبع وزيادة ، وشرب حتى ارتوى فوق العادة ..ارتمى على ظهره وتمدد ، كأنه طعس من الرمل ، أو ملحمة متراكمة بعضها فوق بعض .. !!
تخيل معي أن ( كد ومد ) صديقان لدودان ، فسوف يكونان ـ بحمد الله وتوفيقه ـ ثنائيا استثنائيا مبينا في السيطرة وبسط النفوذ .. !!
أو تخيل معي أنهما كومة من النفايات مكدسة في أكياس النايلون السوداء التي يجوب عمال البلدية في البحث عنها ( مشكورين طبعا ) وإلا لأصبحنا في وضع مزرٍ من تراكم أطنان النفايات لو يضربون عن العمل !! طبعا عمدة البلدية حينها لا يملك إلا ظهوره الإعلامي مناشدا هؤلاء العمال البسطاء بقوله ( كد ومد .. انت ما فيه معلوم مته يجي مته يروح ) !! وسيترجم هذا المثل إلى مئات اللغات العالمية بسبب أزمة الإضراب المتخيلة !!
أو تخيل معي أنهما شريكان تجاريان فسوف يعم في عهدهما الرخاء والازدهار ، وستحلُّ مشكلات البطالة في سبعين يوما ، وسينتعش سوق الأسهم السعودية من جديد ، وسينهض طائر الفينيق من تحت الرماد ، وسيقول قائلنا: لن يموتَ منا أحد .. من صميم الرماد تحيا الشرارة !!
تخيل معي أن الأخوين ( كد ومد ) على وزن الأخوين رحباني أسسا معهدا موسيقيا فلا شك أنَّني أول من سيسجل في الدفعة الأولى من الطلاب الدارسين في هذا المعهد الذي سيتغلب على خريجي ستار أكاديمي ، حيث ستحيا السليقة الفنية ، وتتكوّن الذائقة الموسيقية المدربة ، وسنهزم الإرهاب بالموسيقى في مئة يوم !!
تخيل معي أن ( كد ومد ) أصبحا سياسيين من طراز السيناتور جيب ركستون ، وهو دبلوماسي محنك ، وخبير سياسي من رجالات القرن الثامن عشر يعتبر هو المؤسس الحقيقي لما يسمى اليوم بعصر الاستراتيجية ، ماذا سيسود في عهدهما !!؟؟ طبعا سيسود في عهدهما تهما الأمن والأمان ، والأماني والأمنيات ، والذكر والذكريات ، والأبكار والثيبات .. طبعا ؛ ولأجل نرضي الست ديمقراطية ، وكرمى عيون الحرية ، أقترح أن نعقدَ مؤتمرا قوميا على مستوى الأمة العربية المحلية ؛ كي نرشحَ أحدهما رئيسا للوطن القومي للألفاظ العربية المحلية ، والآخر رئيسا للوزراء ..
أقول: وطن قومي باعتبار أن الألفاظ العربية المحلية مشردة في نواحي البسيطة فلا بد أن نقلدَ فكرة وعد بلفور في جمع يهود العالم المشردين في كل مكان تحت راية وطن قومي اسمه دولة إسراطين الكبرى .
نمى إلى علمي أن بعض الرديكاليين من بني عجل قد اعترضوا على فكرة ( الوطن القومي للألفاظ العربية المحلية ) ؛ لمساسها بالشرف العربي ، والعزة القومية ، فقلتُ لهم: {اخسَؤوا فيها ولا تكلمون }
وأخبرني من لا أتهم أن العرب تقول: ( كلْ من كده والعن جده ) ، أي كن وحشا كاسرا ، أو سبعا ضاريا في الأكل من طعام الآخرين ، ثم اجحد تلك النعمة .. يا لَلبؤس !!؟
وسمعت من بعض الراسخين في لهجتنا المحليه قوله: ( تعشى وتمشى ، وتغدى وتمدى ) أظن أن أختنا ( تمدى ) هذه ، هي شقيقة ( مد ) السالف الذكر ..
أشعر أن في ( تمدى ) انبساطا وتمددا مطاطيا هائلا ، كما أن فيها التواءً أفعوانيا راقصا يليق بها .. !!
أخونا ذلك الراسخ في حفظ لهجتنا المحلية يستغرب من عدم اهتمام الكتاب والمثقفين بهاته الالفاظ الامتدادية ، فقلتُ له متجاوبا مع استغرابه المسبطر: ( كد ومد ) و ( تعشى وتمشى ) و ( وتغدى وتمدى ) ؛ حتى يأتيَك الجنون !!
طبعا لا ننسى أن ( المَدّه ) أخت الحصير هي من نسل كد بن مد بن مديد بن أسل .. حتى أن صاحبنا الراسخ في حفظ لهجتنا المحلية وأنسابها يقول: أن مديد بن أسل بن ويندز بن فستا هو القائل القول الشهير: ( فلان كدّاد عافيه ) ، وأخبرنا أبو الرسوخ الوتدي أن كدّادا كان ثورا هائجا نزا على بقرة زائدة عن الحاجة في ليلة ليلاء فأصابت منه عجلا أسمته أمه الجهجاه !!
فعلا كلمة معبرة عن الجو ، وعبارة كليمة بالمراد قوله ( كدّاد عافيه ) ، لماذا لم يقل مديد بن أسل حفيد ابن فستا ( فلان مدّاد عافي ) أو ( فلان عفّاي مادِي ) لماذا ( كدّاد عافيه ) !؟؟ لماذا لم يقل ( كدّاد مازولا أو نور أو دلال ) أظن أنه كان موفقا في اختياره فقد أصاب كبيداء الحقيقة .
كد ومد عبارة تقال في مواطن كثيرة ، فقد يشتري أحدنا ثوبا قشيبا من نسج يابان فتقول له: ( نعم .. كد ومد !! ) ، وقد يبتاع جارك بقرة حلوبا من نسل الجهجاه فتقول له مؤيدا ( كد ومد ) أو ( شدْ ومد ) في لفظ آخر !!
وأظن أن له مضربا آخر ، فقد يتكرم أحدهم من مال غيره ، ويمد أياديه بالعطاء من غير ماله ، فيقول له أحد جلسائه: ( كد ومد ) أي كدّ بيديك واسعَ برجليك وأصبح كدّادا ، ومدَّ يديك بالعطاء وكن سخيا وابن أريحي !!
أظن ظنا يقينيا أن لا علاقة نسبية بين ( كد ومد ) وبين الكُدْيَةِ التي لم أسمع بها إلا في أدب المقامات !!
وأخيرا ومثلهما في الأهمية اللغوية المجازية المحلية قولنا حدثني فلان بعظمة لسانه ، واللسان كما أثبت العلم الحديث والقديم هو عضلة ، فتخيل معي ـ حفظك الله ـ حينما يعترض هذ العظم الكريم في حلق بني آدم ، فسوف تقل العبارة ، وستكثر الإشارة ، وسنبقى كأننا معلقون في الهواء بمشنقة السكوت ..
حقا إن المجاز المحلي ينبوع غزير بالمفاجآت ، ويستحق منا وقفات طويلة على المستويين اللغوي والحلمنتيشي ... و ( كد ومد ) .. و ( الدز من المز والضراط من العافيه ) .



السبت 15 من المحرم 1428